” من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى استغل الموظف العام أو من في حكمه بالمعنى الوارد في نص المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات وظيفته ، بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التي يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره ، وبين المصلحة العامة المكلف بها وتحقيقها في نزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحاً أو منفعة فهذه الجريمة من جرائم الخطر الذي يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تعرض المصلحة العامة للخطر من تربح الموظف العام من ورائها ، ولا يحول دون توافر هذا الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقي أو لا يتمثل في خطر حقيقي فعلى ، فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة ، كما لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة ، وإنما يكفى لقيامها مجرد محاولة ذلك حتى ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة ، ومن ثم فإن الحكم إذ أثبت أنه قد استخدم الأفراد سالفى الذكر ومنهم الشهود من الرابع عشر وحتى السابع والثلاثون بعد المائة ، والسيارات والجرارات والمقطورات وهى مملوكة لوزارة الداخلية بناء على تعليمات مباشرة من المتهم الثاني نفاذاً لاتفاقه مع المتهم الأول ، والذي زاد على ذلك عرضه على المتهم الثالث استغلال بعض ما سلف في أرضه لإنشاءات وتشطيبات سبق بيانها وقام فعلاً بتنفيذ ذلك دون أن يدفع مقابلاً نقدياً لذلك ، إضافة إلى المهمات الخاصة بوزارة الداخلية واستغلالها في تلك الأعمال ، وذلك توصلاً لشغل مناصب أعلى في هيئة الشرطة أعلى من أقرانه إضافة لعمله ، ثم مد خدمته في الدرجة التي يشغلها لمدة سنتين بعد بلوغه السن القانونية للتقاعد ، كما أثبت الحكم أن إرادة المتهمين قد اتجهت إلى تحقيق منفعة خاصة لهم على حساب المصلحة العامة رغم تعارض المصلحتين بدلالة تردد المتهم الأول على موقع العمل واتفاق المتهم الثاني مع الثالث على إتمام الإنشاءات لديه لتحقيق منفعة خاصة للأول والثالث ، فضلاً عما قرره الشاهد السادس عشر من أنه كان يتم استبدال اللوحات المعدنية لسيارات الشرطة التي استخدمت في أرض المتهمين الأول والثالث بالتنسيق بين المتهمين الثاني والثالث لإخفاء أمر استخدام سيارات الشرطة في أعمال لايجوز استعمالها فيها ، وعند اكتشاف ذلك حاول المتهم الثاني إخفاء الأدلة ، وطلب ذلك هاتفياً من الشاهد الخامس عشر حال سؤاله أمام النيابة العامة وتأسيساً على ذلك انتهت المحكمة إلى أنه قد ثبت لديها أن المتهم الأول استغل سلطاته وحصل لنفسه دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته ، وأن المتهم الثاني مكّنه من ذلك بالاتفاق معه ومساعدته بإصدار أوامر تشغيل الأفراد والمجندين ومهمات وزارة الداخلية مخالفة للقوانين واللوائح المعمول بها ، وكذلك الأمر بالنسبة للعمل في أرض المتهم الثالث بصفته ضابط شرطة وقائد حراسة المتهم الأول ، وهو ما ترتب عليه ضرراً عمدياً حقيقياً حالاً ومؤكداً وثابتاً على وجه اليقين بأموال جهة عملهم ، إضافة إلى أن من عملوا بتلك الأرض لم يتقاضوا أجراً ، الأمر الذي قرره الشهود من الرابع عشر حتى السابع والثلاثين بعد المائة ، وهو ما تتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات في حق الطاعنين “.

” من المقرر أن إعمال حكم المادة 116مكرراً من قانون العقوبات يتطلب توافر أركان ثلاثة

الأول : أن يكون المتهم موظفا عاماً بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات ،

الثاني : الإضرار بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف سواء كانت تلك الأموال والمصالح للجهة التي يعمل بها أو للغير المعهود بها إلى تلك الجهة ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له ،

الثالث : القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال العام أو بالمصلحة العامة، فلا تقع الجريمة إذا حصل الضرر بسبب الإهمال وإذ أثبت الحكم في حق الأول والثاني توافر أركان تلك الجريمة ودلل على ثبوتها في حقهما بما لا يمارى الطاعن في أن له أصله الثابت في الأوراق ، وكان ما أورده الحكم سائغاً ويستقيم به قضاؤه ، فإن ما يثار من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم من واقع أوراق الدعوى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض “.

” لما كان الحكم قد دان الطاعنين الأول والثاني بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات،وهى عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة التربح التي دانهما الحكم عنها ، ولا مجال لمناقشة القصور في بيان أركان جريمتي الإضرار عمداً بالمال العام أو استخدام أشخاص في غير الأعمال التي جُمعوا لها قانونياً “.

” من المقرر أن السداد اللاحق على قيام جريمة التربح لا يؤثر على المسئولية الجنائية “.

” لما كان البين من مدونات الحكم أن ما أورده بياناً لواقعة الدعوى والظروف التي أحاطت بها والأدلة التي ساقها وعول عليها في الإدانة وما خلص إليه في مقام التدليل على قيام الجرائم في حق الطاعنين ، يتوافر به قيام القصد الجنائي لتلك الجرائم التي دانهم بها ، ويستقيم به اطراح ما أثير في هذا الشأن ، ذلك أنه من المقرر أن تقدير قيام القصد الجنائي أو عدم قيامه يعد مسألة متعلقة بالوقائع وتفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب ، وينحل ما يثار في هذا الشأن جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض “.

” من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجرائم لا يقتضى في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضى وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قد قصد قصّد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة واسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفى في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً أن يساهم في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجرائم المسندة إليهم ، من صدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كل منهم قصد قصّد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها “.

” من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ، وكان الحكم قد دلل في أسباب سائغة وبأدلة قولية وفنية على ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن الثاني مع الأول ومعهما الطاعن الثالث في ارتكاب جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، وليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره “.

” لما كان دور الطاعن الثالث قد اقتصر على الاشتراك في جريمة التربح ولا محل لتوافر صفة ما في حقه أو وجوب التحقق من اختصاصه أو حصوله على ربح أو منفعة من وراء ذلك “.

” لما كان البين من الحكم أنه دان الطاعن الثالث بجرائم الاشتراك في التربح واستخدام أشخاص بغير حق في غير ما جُمعوا له قانوناً ، دون جريمة الإضرار عمداً بالمال العام ، فإن نعيه بشأن الأخيرة لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان البين أن الحكم أورد أسماء المجني عليهم في جريمة السخرة ، كما بين مفردات المبالغ موضوع التربح “.
(الطعن رقم 14934 لسنة 83 جلسة 2014/02/04 س 65 )