اولا : تعريف الشيك في ظل قانون التجارة :-

لم يُعرف التشريع المصري الشيك ووفقاً لأوضاع حددها العرف تم تعريف  الشيك بانة – (أمر مكتوب يتمكن بموجبه الساحب أو شخص آخر معين أو حامله من قبض كل نقوده ـ أو بعضها ـ المقيدة لذمته في حسابه لدى المسحوب عليه عند الطلب )

 ثانيا : البيانات الإلزامية للشيك :-

الشيك ورقة شكلية تطلب المشرع ضرورة اشتمالها على بيانات معينة فإذا تخلفت فلا تعد تلك الورقة شيكاً بالمعني القانوني ، ويجري نص المادة 473 من القانون 17 لسنة 1999 على النحو التالي :

يجب أن يشتمل الشيك على البيانات الآتية :-

أ ـ كلمة شيك مكتوبة في متن الصك وباللغة التي كتب بها .

ب ـ أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود مكتوباً بالحروف والأرقام .

ج ـ اسم البنك المسحوب عليه .

د ـ مكان الوفاء .

هـ ـ تاريخ ومكان إصدار الشيكلا .

و ـ اسم وتوقيع من أصدر الشيك .

 اذا تخلف إحدى هذه البيانات حيث يجري نصها على النحو التالي :-

الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة في المادة 473 من هذا القانون لا يعتبر شيكاً إلا في الحالات الآتية :-

أ‌ – إذا كان الشيك خالياً من بيان مكان الوفاء اعتبر مستحق الوفاء في المكان الذي يوجد به المركز الرئيسي للبنك المسحوب عليه .

ب ـ إذا خلا الشيك من بيان مكان إصداره اعتبر أنه صدر في موطن الساحب .

البيان الإلزامي الثاني في الشيك :-

أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود مكتوباً بالحروف والأرقام ، وعلى هذا فإن هذا البيان يتكون من شقين :

الشق الأول : أمر غير معلق على شرط :-

حسب صريح نص المادة 473 / ب من القانون 17 لسنة 1999 والتي يجري نصها على النحو التالي :

” يجب أن يشمل الشيك على البيانات الآتية :

ب : أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود مكتوباً بالحروف والأرقام ” .

وعلى هذا فإنه يلزم أن يشترط في الشيك أن يشتمل على أمر من الساحب غير معلق على شرط ما إلى المسحوب عليه بأي عبارة تفيد هذا المعنى ومضمون هذا الشرط أن العبارات التي يصدر بها الشيك يجب أن تكون منجزة أي غير معلقة على شرط أو مؤجلة إلى أجل، أي فوراً، ولكن لا يلزم أن يذكر صراحة عدم تعليق الدفع على شرط أو على تأجيله ، فهذا مفهوم من طبيعة الشيك وأنه أداة للدفع الفوري ومن قصد الطرفين الساحب والمستفيد ، ومن أنها أداة تجري ومجرى النقود في الوفاء، ومن كلمة شيك المذكورة في الصك .

فإذا ربط الأمر بالدفع بأجل وجب الدفع فور تقديم الشيك واعتبر الأجل كأن لم يكن.

وعلى هذا فإن كل بيان مصاحب لهذا الأمر الذي يعلق وفاءه على شرط أو أجل يعتبر كأن لم يكن ولكن الشيك يصح .

والتعليق على شرط قد يكون تعليقاً على شرط فاسخ، وهذا غير وارد أن يدفع الشيك ثم يزول الالتزام بالدفع إذا تحقق الشرط وقد يكون تعليقاً على شرط واقف، وهو ما كان يسمى بشرط الإخطار.

البيان الإلزامي الثاني : مبلغ الشيك الواجب دفعه مكتوباً بالحروف أو الأرقام :

الشق الثاني من البيان الإلزامي الثاني هو ضرورة سحب الشيك بمبلغ نقدي إذ أن سحب الشيك بغير النقود باطل، فيجب أن يشتمل المحرر على ذكر مبلغ أياً كان هذا المبلغ صغير أو كبير من النقود ولابد أن يكون معيناً تعييناً نافياً للجهالة.

وعلى هذا فإن هذا الشرط يقتضي ضرورة توافر عنصرين :

الأول : أن يكون محل الشيك مبلغ من النقود.

الثاني : أن يكون هذا المبلغ محدداً على وجه الضبط والتحديد.

على أنه لا يشترط كتابة المبلغ بطريقة معينة فيجوز أن يكتب بالأرقام وحدها أو بالحروف وحدها. غير أن العمل جرى على كتابة المبلغ مرتين، إحداهما بالأرقام في أعلا الشيك، والأخرى بالحروف في صلبه، وذلك لتأكيد القيمة. وإذا وقع الاختلاف بين المبلغين فلا يجوز للمسحوب عليه أن يمتنع عن الدفع على أساس أن مبلغ الشيك مكتوب بالأرقام أو بالحروف وحدها.

البيان الإلزامي الثالث : اسم البنك المسحوب عليه :

حسب صريح نص المادة 473 والتي يجري نصها على النحو التالي:

( يجب أن يشتمل على البيانات التالية………ج : اسم البنك المسحوب عليه ) .

وعلى هذا فإن اسم البنك المسحوب عليه هو البيان الإلزامي الثالث حتى يصبح الصك شيكاً.

فالشيك يوجه في الغالب إلى طرف ثالث هو المسحوب عليه بخلاف الساحب وعلى هذا فإنه حتى يكون الشيك صحيحا لابد من تحديد اسم المسحوب عليه أي أن يتضمن المحرر اسم الشخص الذي يأمره الساحب بدفع قيمة الشيك إلى المستفيد منه فالشيك ورقة ثلاثية الأطراف ولذا يجب أن يتضمن بيان اسم المسحوب عليه وأن يعين تعييناً كافيا وقد تضمن القانون 17 لسنة 1999 في المادة 475 ضرورة أن يكون الشيك مسحوباً على بنك ويجرى نصها على النحو التالي :

الشيك الصادر في مصر والمستحق الوفاء فيها لا يجوز سحبه إلا على بنك. والصك المسحوب في صورة شيك على غير نماذج البنك المسحوب عليه لا يعتبر شيكاً.

ولقد حدث خلاف بشأن الشيكات الخطية الغير مسحوبة على بنك بعد صدور القانون 17 لسنة 1999 واتجهت بعض دوائر محكمة النقض إلى القضاء بالبراءة حيث جاء بأسباب هذه الأحكام ما يأتي:

لما كان ذلك، وكان شرط العقاب في قانون التجارة على إعطاء شيك بدون رصيد هو أن تتوافر في الصك المقومات الأساسية التي وضعها قانون التجارة، فإن لازم ذلك أن كل محرر لا تتوافر فيه شروط اعتباره شيكاً بهذا المفهوم تنحسر عنه الحماية الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان البين من المفردات المضمومة أن الشيك محل الدعوى الراهنة غير محرر على نماذج البنك المسحوب عليه ومن ثم فإن القانون يكون هو الأصلح بالنسبة للطاعن في هذا المجال.

وقد أكد هذا الحكم الصادر من الهيئة العامة للمواد الجنائية في الطعن 9098 لسنة 64 ق جلسة 10/ 7 / 1999 يبين من سياق ما استحدثه قانون التجارة في شأن الشيك أن المشرع وضع قواعد شكلية وموضوعية محكمة لهذه الورقة التجارية).

البيان الإلزامي الرابع : مكان الوفاء :          

وفقاً لصريح نص المادة 473 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 يجب أن يشتمل الشيك على البيانات الآتية:

د ـ مكان الوفاء.

وعلى هذا فإن بيان مكان الوفاء بياناً جوهرياً لابد من ذكره ومكان الوفاء له أهمية كبرى ذلك أنه يفيد في تعيين وتحديد القانون الواجب التطبيق على شكل المحرر وشروط صحته الواجب توافرها فيه على أن خلو الشيك من هذا البيان لا يبطله.

إلا أن المشروع قد واجه هذه الحالة في المادة 474 حيث يجري نص المادة 474/ 1 من القانون 17 لسنة 1999 على النحو التالي:

الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة الوفاء أعتبر مستحق الوفاء في المكان الذي يوجد به المركز الرئيس للبنك المسحوب عليه.

(أ) إذا كان الشيك خالياً من بيان مكان الوفاء، اعتبر مستحق الوفاء في المكان الذي يوجد به المركز الرئيس للبنك المسحوب عليه.

البيان الإلزامي الخامس : تاريخ ومكان إصدار الشيك :

تطلب المشرع ضرورة ذكر تاريخ ومكان إصدار الشيك .

وهذا البيان نصت عليه المادة 473/ ه ـ من القانون 17 لسنة 1999 صراحة حيث يجري نصها على النحو التالي:

يجب أن يشتمل الشيك على البيانات الآتية………هـ : تاريخ ومكان إصدار الشيك .

ومن ثم فإن هذا البيان ينطوي على شقين :

الشق الأول : هو تاريخ إصدار الشيك .

الشق الثاني : هو مكان إصدار الشيك .

ونعرض لهما على التفصيل التالي :

(1)  تاريخ إنشاء الشيك :

أثر خلو الشيك من التاريخ :

استقر الفقه على أن تاريخ إصدار الشيك هو من العناصر الأساسية الهامة بالنسبة لإنشاء الشيك وخلو الشيك من تاريخ إنشائه يجعله كأن لم يكن ويتحول إلى سند دين عادي يتضمن اعترافاً من جانب المدين بحق الدائن بالمبلغ المثبت بالسند ، وهنا يثور التساؤل حول :

إثبات تاريخين للشيك :

لما كان الشيك مستحق الدفع دائماً بمجرد الاطلاع عليه فإنه لا يقبل الإضافة إلى أجل وينبني على هذه القاعدة نتيجتان :

أولهما : ضرورة أن يثبت بالشيك تاريخ واحد فقط .

وثانيهما : إنه إذا ثبت بالشيك تاريخان أو إذا ثبت به تاريخ واحد وكانت عباراته يستفاد منها أنه صدر في تاريخ سابق فإن ذلك مما ينافي طبيعة الشيك باعتباره أمراً واجب الدفع لدى الاطلاع ويكون الصك لذلك أداة ائتمان قصد به تمكين المدين من الاستعداد للوفاء خلال الأجل الثابت به فتخسر الحماية الجنائية لذلك عنه، هذا فضلا عن أن الشيك الذي يحمل تاريخين لا يدل مظهره على أنه شيك بالمعنى المعروف قانوناً.

البيان الإلزامي السادس : اسم وتوقيع من أصدر الشيك :

تطلب القانون 17 لسنة 1999 بشأن قانون التجارة في المادة 473 فقرة (و) ضرورة ذكر اسم وتوقيع من أصدر الشيك.

1 – التوكيل في التوقيع :

الأصل أن يوقع الساحب على الشيك بنفسه ومع هذا فإن القواعد العامة تجيز التوكيل في التوقيع وهذا التوكيل قد يكون عاماً أو خاصاً بشيك معين.

وفي حالة التوكيل الخاص ـ كما إذا كان الساحب غائباً ووكل آخر في إعطاء شيك من دفتر معه لصالح شخص ثالث يستطيع الوكيل التوقيع على الشيك ويذكر فيه صفته كوكيل وللمسحوب عليه أن يتحقق من هذه الصفة قبل صرف قيمة الشيك.

فإذا كان التوكيل عاماً ـ وهو ما يجري عليه العمل لاسيما بالنسبة للشخص المعنوي إذ يعتبر الممثل له بمثابة الوكيل ـ فإن الموكل يخطر المسحوب عليه باسم الوكيل الذي يحق له التوقيع على الشيكات وبنموذج من التوقيع وحينئذ يقوم المسحوب عليه بالوفاء بقيمة الشيكات متى تحقق من صدورها من ذلك الوكيل.

وهذا يقتضي أن نتعرض لبيان المسئولية الجنائية في هذه الحالة أن سوء النية من جريمة إصدار الشيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره، وعلى الساحب أن يتابع حركات رصيده لدى المصرف للتحقق من وجود الرصيد قبل إصدار الشيك.

وهذا الالتزام نفسه يقع أيضاً على الوكيل في السحب عندما يسحب على رصيد موكله، لأن طبيعة العمل الصادرة بشأنه الوكالة وهو إصدار الشيك يستلزم من الوكيل التحقق من وجود الرصيد. فإذا أخل بهذا الالتزام وقعت عليه مسئولية الجريمة باعتباره مصدر الشيك الذي تحقق بفعله وحده إطلاقه في التداول.

2 – التوقيع على بياض :

اتجه الفقه وناصره القضاء على أن توقيع الشيك على بياض دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك طالما أنه استوفى البيانات اللازمة قبل تقديمه في وضع هذين البيانين قبل تقديمه .

توقيع الساحب الشيك على بياض لا ينال من سلامته طالما استوفى بيان القيمة وتاريخ التحرير قبل تقديمه للمسحوب عليه .

علة ذلك ، إعطاء الشيك بدون إثبات القيمة أو التاريخ مفاده أن مصدره قد فوض المستفيد في ملء هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه دون أن يلزم بإثبات ذلك التفويض على من يدعى خلاف هذا الظاهر إثباته .

توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك مادام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه. إذ أن إعطاء الشيك بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه ، وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه، وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر .

3 – تكملة بيانات الصك الناقصة :-

يثور التساؤل في هذا المجال بعد أن عرضنا البيانات الإلزامية التي يتطلبها قانون التجارة 17 لسنة 1999 في المادة 473 منه.

على أن يثور التساؤل عن أثر صدور صك خالياً من إحدى البيانات التي تطلبها المشرع وأثر ذلك على هذا الصك وعما إذا كانت يجوز تكملة تلك البيانات من عدمه.

هذا الموضوع تصدت له المادة 474 من قانون التجارة حيث تناولت بالبيان أنه خلا الصك من إحدى البيانات المذكورة في المادة 473 لا يعتبر شيكاً ـ أي أنه لا يعتبر شيكاً صحيحاً ـ أي أنه يمكن تكملة بيانين اثنين الأول إذا كان الشيك خالياً من بيان مكان الوفاء فيعتبر مستحق الوفاء في المكان الذي يوجد فيه المركز الرئيس للبنك المسحوب عليه، كما أنه إذا خلا الشيك من بيان مكان إصداره اعتبر أنه صدر في موطن الساحب على أنه يذهب رأي في الفقه إلى أنه إذا ملأ المستفيد البيان الناقص وقدم الشيك للبنك فلا يستطيع البنك التمسك عليه بالبطلان، إذ قد يفهم سلوك الحامل على أن الساحب فوضه في ملء البيان الناقص.

الشيك (في ظل قانون التجارة رقم (17) لسنة 1999)

ثالثا : الشروط الموضوعية اللازمة لصحة الشيك :-

تحرير الشيك والتوقيع عليه من الساحب تصرفاً قانونياً ولهذا كان من الضروري لصحته أن يتوافر له الشروط المتطلبة لصحة التصرفات القانونية بصفة عامة وهي المتعلقة بأهلية المتصرف وسلامة إرادة الموقع من عيوب الرضا فضلاً عن أن يكون محل التصرف ممكناً وسببه مشروع فضلاً عن شرط تمليه الطبيعة الخاصة للشيك وهو أن يوجد مقابل الوفاء عند السحب. ونعرض لهذه الشروط بالتفصيل :

(أ) الأهلية :

تكتمل أهلية الشخص لمباشرة حقوقه المدنية متى بلغ عمره واحد وعشرين عاماً وكان متمتعاً بقواه العقلية غير محجور عليه (م44 مدني) وتكون الأهلية منعدمة قبل بلوغ الشخص السابعة من عمره (م45 مدني) وتكون ناقصة من السابعة وحتى الواحدة والعشرين، ومن السابعة وحتى السادسة عشرة يمتنع على الشخص التصرف في أمواله أو إدارتها وبذلك يمتنع عليه التوقيع على الشيكات فإذا بلغالشخص السادسة عشرة يمتنع عليه التوقيع على الشيكات فإذا بلغ الشخص السادسة عشرة من عمره وكان يمتهن فيكون له أهلية التصرف فيما يكسبه من مهنته (م63/ 1 من قانون الولاية على المال) وبذلك يكون من حقه التعامل بالشيك في حدود ما يكسبه من عمله، وإذا بلغ الشخص الثامنة عشرة من عمره جاز لوليه أو لمحكمة الأحوال الشخصية بعد سماع أقوال الولي الإذن له في تسليم أمواله كلها أو بعضها لإدارته (م 54، 55 من قانون الولاية على المال) وبذلك يكون من حقه التعامل بالشيك.

والمسئولية الجنائية للساحب الصغير ناقص الأهلية تخضع للقواعد العامة إذ أن جريمة الشيك بدون رصيد لا تعدو وأن تكون جريمة عادية لم يميزها المشرع بأحكام خاصة، وعلى ذلك فالساحب الصغير الذي سنه على السابعة وتقل عن الإثنى عشر لا توقع عليه عقوبة هذه الجريمة وإنما يأمر القاضي أما بتسليمه لوالديه أو لمن له حق الولاية على نفسه.

ويقع توقيع القاصر على الشيك باطلاً بطلاناً نسبياً مقرر لمصلحته، وله التمسك بهذا البطلان حتى في مواجهة الحامل حسن النية، ذلك أن الدفع بعدم الأهلية لا يطهره التظهير.

للقاصر الذي بلغ السادسة عشرة والمأذون له بالإدارة يحرر شيكات للوفاء بالديون الناشئة عن أعمال الإدارة، وتعتبر الشيكات التي يحررها صحيحة طالما أنها في حدود الإذن الصادر له، وليس له أن يتمسك ببطلانها وإذا كان القاصر الذي بلغ الثامنة عشرة من عمره مأذوناً بالتجارة، ويجوز له تحرير شيكات وفاء للديون المترتبة على هذه التجارة إذا كانت في حدود الإذن الصادر له أن يصبح كامل الأهلية فيما يتعلق بالتجارة المأذون فيها أما خارج نطاق هذا الإذن فإن تصرفه يكون قابلاً للإبطال، ويقتصر البطلان على توقيعه ولا يمتد إلى غيره من التوقيعات إعمالاً لمبدأ استقلال التوقيعات الذي ينطبق على الشيك سواء أكان مدنياً أو تجارياً.

(ب) الرضـا :

يتعين في كل التزام ناشئ عن علاقة قانونية أن يكون مبنياً على رضاء صحيح خالياً من العيوب المبطلة للتصرفات القانونية كالغلط والغش والإكراه ذلك أن الشيك عند تحريره وكما سبق أن أسلفنايحمل توقيع الساحب الذي يعبر عن إرادته بالالتزام بالوفاء بقيمته وإن كان للساحب أن يدفع ببطلان التزامه في الدعوى المدنية التي تقام عليه لمطالبته بقيمة الشيك ولكنه لا يجوز له أن يحتج بذلك في الدعوى الجنائية التي تقام ضده إذا ثبت أن الشيك لا يقابله رصيد استناداً إلى قاعدة الكفاية الذاتية لبيانات الشيك وافتراض صحته طالما أن مظهره لا يكشف لدى الاطلاع عليه عن عيب يشوبه ولكن هذا لا يمنع من تطبيق قواعد المسئولية الجنائية وذلك دون إخلال بها سواء من حيث موانعها أو أسباب تخفيفها فإذا كان من شأن عيب الرضاء أن ينفي فعل السحب كما لو تعرض الساحب لإكراه مادي أو كان من شأنه أن ينفي القصد كما لو وقع في غلط أو خضع لتدليس فإن جريمته تنتفي بذلك.

رابعا : محل الالتزام في جريمة الشيك :-

محل الالتزام للشيك هو دائماً مبلغ محدد من النقود. إذ بهذا تقوم وظيفته في الوفاء ـ ومن ثم فإن كان محله غير النقود أو كان مجهلاً ترتب على هذا بطلان الصك كشيك سواء من الناحية المدنية أو من ناحية إمكان المساءلة الجنائية لإتحاد الحكمة في الصورتين إذ تنتفي في هذه الحالة وظيفته كأداة وفاء ويكون بذلك غير جدير بالحماية الجنائية.

1 – السبـب :

يمثل الشيك عند إنشائه علاقتين قانونيتين إحداهما بين الساحب والمسحوب عليه والثانية بين الساحب والمستفيد. والعلاقة بين الساحب والمستفيد هي سبب الالتزام الواردة به فهي التي دفعت الساحب لتحرير الشيك لمصلحة المستفيد. وسبب الالتزام الوارد بالشيك قد يكون غير مشروع وعندئذ يبطل الشيك بوصفه تصرفاً قانونياً وفقاً لأحكام البطلان لا أثر له على المسئولية الجنائية لأن المحرر استوفى في الظاهر عناصر صحة الشيك مما يدعم الثقة فيه ويساعد على قبوله في التداول باعتباره نقوداً فإذا ثبت عدم وجود رصيد له فإن الاعتداء على المصالح التي يحميها المشرع يكون قد تحقق ويكون لذلك العقاب واجباً ـ فسبب الشيك لا أثر له على طبيعته. ولذلك قضى بأنه إذا كان مظهر الشيك وصيغته يدلان على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع وانه وفاء لا أداة ائتمان فإن ما يقول له المتهم عن حقيقة سبب تحرير الشيك لا أثر له على طبيعته ـ ذلك أن المسئولية الجنائية في صدد المادة 337 من قانون العقوبات لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذي أعطى من أجله الشيك.

خامسا : البيانات الاختيارية في الشيك :-

أوردنا فيما سبق الشروط الشكلية والشروط الموضوعية اللازمة للشيك إلا أنه إلى جوار هذه الشروط فإنه في كثير من الأحيان قد يعمد المتعاملون في الشيك إلى إضافة شروط أخرى يتفقون عليها فيما بينهم حيث لا مانع من مثل إضافة تلك الشروط طالما لا تتعارض مع طبيعة الشيك ولا تؤثر على فقدانه لاستقلاله وكفايته الذاتية تطبيقاً لمبدأ حرية التعاقد. والبيانات الاختيارية المقصود بها زيادة ضمانات الحامل أو إنقاص أعباء الساحب بشرط ألا تخالف نصاً في القانون.

ولا يوجد شكل لهذه البيانات الاختيارية حيث لا يشترط كتابتها في صك الشيك بل يجوز كتابتها في ورقة أخرى كما أنه لا يوجد حصر للبيانات الاختيارية ومن هذه الشروط:

1-  شرط المحل المختار :

إن محل الوفاء ليس من البيانات الإلزامية في الشيك إذ أنه من المفروض أن يستحق في محل المسحوب عليه وليس ما يمنع أن يعين محلاً مختاراً للدفع محل المسحوب عليه.

ومتى عين المحل المختار، وجب على الحامل أن يقدم الشيك للوفاء فيه. فإذا امتنع صاحب هذا المحل عن الدفع، فلا تجوز للحامل مخاصمته للحصول على قيمة الشيك أو على تعويض مقابل الضرر الناشئ عن الامتناع عن الدفع، لأن صاحب المحل المختار ـ سواء أكان الساحب أو المسحوب عليه ـ الرجوع على صاحب هذا المحل بالتعويض بسبب تخلفه عن تنفيذ الاتفاق المبرم بينهما.

2 –   تعدد النسخ :

لا يوجد لسحب الشيك على عدة نسخ أهمية كبرى إلا في نطاق الشيكات الدولية أو الشيكات المسحوبة من دولة على أحد ممتلكاتها عبر البحار أو العكس، أو الشيكات المسحوبة والمستحقة الوفاء في أحد أجزاء الدولة أو في عدة أجزاء مختلفة منها واقعة عبر البحار.

وإذا سحب الشيك على أكثر من نسخة وجب ترقيم كل نسخة في ذات متنها وإلا اعتبرت كل نسخة شيكاً مستقلاً على أنه يجوز أن تكتب عبارة نسخة أولى ونسخة ثانية بدلا من وضع رقم 1و 2 الخ.

وترتبط النسخ بعضها ببعض، فإذا أوفى المسحوب عليه بموجب إحدى النسخ برئت ذمته، ولو لم يكن مشروطاً فيها أن هذا الوفاء يبطل أثر النسخ الأخرى.

ويثور التساؤل عن أثر تعدد النسخ على المسئولية الجنائية وفي واقع الأمر فإنه إذا ما أوفى المسحوب عليه بإحدى نسخ الشيك تبرأ ذمته منها جميعاً ذلك أنه رغم تعدد النسخ للشيك فإن الساحب لا يلزم بالقيمة المبينة في هذه النسخ إلا مرة واحدة.

3 – شرط الفوائد :

يجوز النص على سريان الفوائد منذ تاريخ الشيك أو منذ المطالبة الودية. كما يجوز تعيين سعر للفوائد خلاف السعر القانوني. ويعتبر ذلك تطبيقا للقواعد العامة وإن كان هذا الشرط نادراً في الحياة العملية لأن الشيك أداة للوفاء الفوري. كما أن البنوك غير معتادة على المماطلة في الوفاء مادام المقابل موجوداً.

4 – الرجوع بدون مصاريف :-

وهذا الشرط هو المعروف بدون بروتستو لأن المقصود بعدم بروتستو ضد الشيك في حالة امتناعه عن الوفاء الودي وهذا البروتستو ليس إجبارياً إذ يكفي لإثبات هذا الامتناع عن الوفاء القواعد العامة المنصوص عليها في القانون التجاري.

وهناك رأي يذهب إلى أن هذا الشرط نادر في الشيكات بسبب الصفة الاختيارية للبروتستو.

5 – وصول القيمة :

إذا كانت وصول القيمة في الكمبيالة بياناً جوهرياً حيث يفيد سبب الالتزام فيها، فيقال والقيمة وصلت نقدا أو القيمة وصلت بضاعة.

إلا أنه بالنسبة لطبيعة الشيك في كونه أمراً بالدفع منجزاً وارداً على مبلغ من النقود لا أهمية فيه لسبب الالتزام. فأيا كان هذا السبب ـ حتى ولو كان غير مشروع فإن الصك يؤخذ بأحكام الشيك مادام استوفى شرائطه ولا يحول دون وقوع الجريمة ذكر بيان وصول القيمة في الشيك سواء في ذلك أكان محرراً على نموذج مطبوع أم على ورقة عادية وورود مثل هذا البيان هو في حقيقته تصريحاً بسببه وهو لا يعيب الشيك.

سادسا : الآثار المترتبة على تخلف شروط الشيك :-

1 –  أثر تخلف الشروط الشكلية :

سبق أن ذكرنا الشروط الشكلية اللازمة لصحة الشيك ونعرض هنا للجزاء المترتب على تخلف هذه الشروط الشكلية.

لم يكن يوجد في القانون المصري تنظيم تشريعي لا للشيك ولا للجزاء المترتب على الإخلال بالشروط الشكلية اللازمة لصحة الشيك قبل صدور القانون 17 لسنة 1999.

غير أن القانون 17 لسنة 1999 كان واضحاً في أن خلو الصك من أحد البيانات المذكورة في المادة 473 لا يعتبر شيكاً .

فيجري نص المادة 474 من القانون 17 لسنة 1999 على النحو التالي :

الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة في المادة 473 من هذا القانون لا يعتبر شيكاً إلا في الحالات الآتية :

أ ‌- إذا كان الشيك خالياً من بيان مكان الوفاء أعتبر مستحق الوفاء في المكان الذي يوجد به المركز الرئيسي للبنك المسحوب عليه .

ب ـ إذا خلا الشيك من بيان مكان إصداره اعتبر أنه صدر في موطن الساحب

وعلى هذا فإن خلو الصك من أي بيان من البيانات الواردة في المادة 473 عدا مكان الوفاء ومكان الإصدار يفقد الصك صفته كشيك .

وقد يتحول الشيك المعيب إلى سند إذني أو للحامل إذا لم يرد به اسم المسحوب عليه متى أشتمل على بيان وجود القيمة وميعاد للاستحقاق كذلك يمكن أن يعتبر الشيك كمبيالة صحيحة إذا كان مستوفياً لشروطها وخاصة شرط وصول القيمة وميعاد الاستحقاق وشرط الأمر .

وقد عرض الأمر على القضاء قبل صدور القانون 17 لسنة 1999 فقضى: الشيك هو أداة وفاء يقوم فيه الورق مقام النقد ومن ثم وجب أن يكون مستحق الدفع لدى الاطلاع فهي لا تعد شيكاً ولا يسري عليها حكم الشيك في القانون

فإذا كانت الورقة الموصوفة بأنها شيك مستحقة الدفع لا عند الاطلاع بل في يوم معين بالذات وكانت كذلك خالية من ذكر وصول القيمة فإنها لا تعد شيكاً في حكم القانون، كما لا يمكن عدها كمبيالة، ولا سنداً إذنياً تجارياً، لذلك فلا يسري عليها حكم ضمان الوفاء بالتضامن بين الساحب والمحيل .

– مدى تأثير تخلف الشروط الشكلية على الناحية الجنائية :-

إن المشرع المصري لم يحدد المعنى المقصود من لفظ شيك الوارد سواء في قانون العقوبات أو في قانون التجارة وعلى هذا أثارت مشكلة الشيك المعيب خلافاً في الفقه والقضاء ونعرض لموقف القضاء المصري ثم لموقف الفقه.

اتبعت محكمة النقض المصرية معيار الظاهر وانتهت إلى أنه متى كان مظهر الشيك وصيغته يدلان على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع وأنه أداة وفاء لا أداة ائتمان فإن سبب الشيك لا يؤثر في طبيعته غير أن المحكمة وضعت قيدا على هذا المعيار وهو إلا يكون الشيك قد تحول قانوناً إلى ورقة تجارية أخرى وبعبارة أخرى إذا كان ظاهر الشيك في نظر الساحب الذي أصدره والمستفيد الذي قبله أنه يعتبر شيكاً إلا أن العيب الذي شابه وإن أثر فيه بالبطلان إلا أن الشيك تتوافر فيه عناصر ورقة تجارية أخرى التي توافرت فيها عناصرها فلا تعتبر شيكاً.

2 – أثر تخلف الشروط الموضوعية :-

1- أثر تخلف شرط الأهلية :-

تضمن قانون التجارة 17 لسنة 1999 النص في المادة 479 على أن التزامات ناقصي الأهلية الذين ليسوا تجاراً وعديمي الأهلية الناشئة عن توقيعاتهم على الشيك كساحبين أو مظهرين أو ضامنين أو بأي صفة أخرى تكون باطلة بالنسبة إليهم فقط .

كما أوضحت المادة 480 حكم حمل الشيك لتوقيعات أشخاص ليست لهم أهلية الالتزام أو توقيعات مزورة أو توقيعات لأشخاص وهميين أو توقيعات غير ملزمة لأصحابها لأسباب أخرى أو لمن وقع الشيك بأسمائهم فإن التزامات غيرهم من الموقعين عليه تبقى مع ذلك صحيحة .

ويجري نص المادتين 479 ، 480 من القانون 17 لسنة 1999 على النحو التالي :

مادة (479)

تكون التزامات ناقصي الأهلية الذين ليسوا تجاراً وعديمي الأهلية الناشئة عن توقيعاتهم على الشيك كساحبين أو مظهرين أو ضامنين احتياطيين أو بأية صفة أخرى باطلة بالنسبة إليهم فقط .

مادة (480)

إذا حمل الشيك توقيعات أشخاص ليست لهم أهلية الالتزام به أو توقيعات مزورة أو لأشخاص وهميين أو توقيعات غير ملزمة لأصحابها لأسباب أخرى أو لمن وقع الشيك بأسمائهم، فإن التزامات غيرهم من الموقعين عليه تبقى مع ذلك صحيحة.

2 ـ أثر تخلف شرط المحل :-

إن الشيك، بوصفه ورقة تجاريه، يجب أن يرد بداهة على مبلغ معين من النقود، فإذا خلا المحرر من بيان المبلغ الذي يلتزم به المدين فإنه يتجرد من كل أثر قانوني، وإذا كان العيب في هذه الحالة عيباً ظاهرا فإنه يكون حجة على الكافة، بما فيهم الحامل الحسن النية.

كذلك الحكم إذا ما كان المبلغ غير معين تعييناً كافياً كما إذا ذكر فيه ادفعوا الباقي لنا طرفكم إذ أن تعيين المحل شرط لقيام الالتزام من الناحية القانونية.

وكذلك الحال إذا ورد المحرر على شيء آخر غير النقود، فإن هذا المحرر يبطل بوصفه شيكاً، ويجوز لكل ذي مصلحة أن يحتج بهذا البطلان، إذ أن العيب في هذه الأحوال ظاهر في المحرر نفسه.

3 ـ أثر تخلف شرط السبب :-

التوقيع على الشيك يجب أن يستند على سبب مشروع وأن يكون هذا السبب غير مخالف للنظام العام والآداب على أنه في المجال الجنائي لا أثر لعدم مشروعية السبب الذي من أجله صدر الشيك إذ أن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك وقبوله في التداول على اعتبار أن الوفاء به كالنقود سواء بسواء .