تنص المادة593 من القانون المدني على أن:

“للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن ، وذلك عن كل ما أستأجره أو بعضه، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك”.

ويخلص من النص المتقدم الذكر أن كل مستأجر له الحق في التنازل عن الإيجار للغير وفي الإيجار من الباطن، ما لم يوجد شرط في العقد يمنعه من ذلك.

هذا وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه: “جرى التقنين المدني على أن حق المستأجر المتولد من عقد الإيجار في الانتفاع بالشيء المؤجر، بوصفه من الحقوق المالية، يقبل التعامل فيه سواء بالنزول عن إلى الغير كلاً أو جزءاً، مدة الإيجار كلها أو بعضها، بمقابل أو بدونه، أو بتأجيره إلى الغير (من الباطن) لقاء أجرة على ذات النحو المتقدم، وذلك ما نصت عليه صراحة المادة593 من القانون المدني بقولها “للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن، وذلك عن كل ما أستأجره أو بعضه، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك، دلالة على أن المنع من هذه التصرفات هو استثناء من الأصل لا يقوم إلا بالاتفاق عليه بين المؤجر والمستأجر.

(نقض مدني في الطعن رقم225 لسنة47 قضائية – جلسة20/1/1979)

كما قضت محكمة النقض بأن: “التأجير من الباطن عقد يؤجر المستأجر بموجبه منفعة الشيء المؤجر المخولة له بوصفه مستأجراً إلى آخر مقابل أجرة يحصل عليها منه فإن الإيجار من الباطن يعتبر صورة من صور انتفاع المستأجر الأصلي بالشيء المؤجر.

(نقض مدني في الطعن رقم305 لسنة49 قضائية – جلسة1/12/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة30    – الجزء3 – صـ132 – فقرة2)

ولكن لا يتحتم أن يكون الشرط المانع مذكوراً صراحة في عقد الإيجار، بل يجوز استخلاصه ضمناً من الظروف الملابسة.

وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة593 من القانون المدني يتضمن عبارة في هذا المعنى تجري على الوجه الآتي: “وقد يستفاد هذا الاتفاق من الظروف”  فحذفت هذه العبارة في لجنة مجلس الشيوخ “اكتفاء بالقواعد العامة”

فمثلاً: إذا أجر المؤجر العين لمستأجر لاعتبارات شخصية فيه، فلا يجوز للمستأجر هنا أن يؤجر من الباطن أو يتنازل عن الإيجار، حتى ولو لم يكن منصوصاً صراحة في عقد الإيجار على منعه من ذلك، لأن عقد إيجاره مبني على اعتبارات شخصية في المستأجر.

وكذلك في “المزارعة” لا يجوز للمستأجر التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن إلا برضاء المؤجر (المادة625 مدني) لأن المزارعة قد نظر فيها إلى شخص المزارع.

علماً بأن هذا الاستثناء غير متحقق في حالتنا الماثلة لكون التأجير لم يراع فيه شخص المستأجر حيث تمت التأجير عن طريق المزاد العلني.

فروض في حالة وجود الشرط المانع في العقد: وسواء كان الشرط المانع صريحاً أو ضمنياً (مستفاد من الظروف الملابسة)، فالقاعدة أن هذا المنع استثنائي فلا يجوز التوسع في تفسيره، ولا تقيد حرية المستأجر في التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن إلا بالقدر المنصوص عليه في العقد.

ويترتب على ذلك ما يلي:

  • أنه يجوز للمستأجر – بالرغم من وجود الشرط المانع – أن يدخل معه شركاء في استغلال العين المؤجرة (تكوين شركة في العين المؤجرة) ما داموا غير مستأجرين من الباطن
  • ولا يجوز للمؤجر أن يتعسف في التمسك بالشرط المانع، فإذا تعذر على المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة بنفسه، واضطر إلى إيجارها من الباطن أو التنازل عن إيجارها للغير، فلا يجوز للمؤجر أن يتمسك بالشرط المانع إذا لم يكن له أية مصلحة في تنفيذه، وإلا كان هذا تعسفاً منه في استعماله حقه.
  • ويجوز للمؤجر أن يتنازل عن الشرط المانع، صراحة أو ضمناً

ويعد من قبيل التنازل الضمني عن التمسك بالشرط المانع: قيام المؤجر الأصلي بقبول الأجرة مباشرة من المستأجر من الباطن وبدون أي تحفظ، أو أن يقوم المؤجر الأصلي بمطالبة المستأجر من الباطن بالأجرة مباشرة (ولو من أجل استيفاء دين أجرة مستحقة على المستأجر الأصلي)، أو حتى سكوته مدة طويلة دون اعتراض مع علمه اليقيني بقيام المستأجر الأصلي بتأجير العين المؤجرة للغير من الباطن.

فإذا ما حصل التنازل من المؤجر عن الشرط المانع، صراحة أو ضمناً، لم يعد له حق بعد ذلك في أن يطلب فسخ الإجارة لهذا السبب.

(وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند456 – صـ622 وما بعدها).

هذا، وقد قضت محكمة النقض بأنه: “المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادتين596 و597 من القانون المدني أنه في الإيجار من الباطن تبقى العلاقة بين المؤجر والمستأجر الأصلي خاضعة لأحكام عقد الإيجار الأصلي، فيطالب كل منهما الآخر بحقوقه بمقتضى هذا العقد، ويسرى على العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن أحكام عقد الإيجار من الباطن ولا ينشئ هذا العقد الأخير علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي إلا في شيء واحد هو الأجرة، فيكون المستأجر من الباطن ملزماً بأن يؤدى للمؤجر مباشرة ما يكون ثابتاً في ذمته للمستأجر الأصلي من الأجرة وقت إنذار المؤجر له عن المدة التي تلحق الإنذار على نحو ما فصلته المادة597 من ذلك القانون، ولا ينشئ عقد الإيجار من الباطن علاقة مباشرة بين المؤجر الأصلي وبين المستأجر من الباطن إلا إذا قبل المؤجر الأصلي الإيجار من الباطن دون تحفظ أيضاً.

(نقض مدني في الطعن رقم851 لسنة43 قضائية – جلسة15/6/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة28 – الجزء1 – صـ1446 – فقرة2)

كما قضت محكمة النقض بأن: “قبض المالك للأجرة من المستأجر من الباطن لا يعد بمثابة إقرار منه يقوم مقام الإذن الكتابي الصريح إلا إذا كان مباشراً وغيرِ مقترن بأي تحفظ فإن لم يكن كذلك فإنه على العكس يتضمن جحداً لعقد الإيجار من الباطن.

(نقض مدني في الطعن رقم108 لسنة52 قضائية – جلسة28/4/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة34 – الجزء1 – صـ1073 – فقرة6)

علماً بأن الهيئة قد قامت بمطالبة المستأجرين من الباطن بأجرة العين المؤجرة، وطلبت منهم التعامل معها وحدها من دون المستأجر الأصلي، وحصلت الأجرة بالفعل من بعض المستأجرين من الباطن.

وهذا المسلك من جانبها قد يفسر على أنه قبول ضمني منها بالتأجير من الباطن كما قد يعد بمثابة تنازل عن التمسك بالشرط المانع، في حالة وجود هذا الشرط أصلاً.

حالات فسخ أو إنهاء العقد : سيكون من الصعوبة بمكان توجيه دعوى فرعية بفسخ عقد الإيجار استناداً إلى قيام المستأجر بتأجير العين المؤجرة للغير من الباطن، وفي حالة توجيه مثل هذه الدعوى فلن تكون محتملة الكسب.

ولكن إذا كانت الهيئة ترغب في فسخ العلاقة التعاقدية مع المستأجر، وفي حالة ما إذا كان المستأجر قد تأخر عن سداد أجرة العين المؤجرة، فيمكن للهيئة في هذه الحالة إنذاره بالسداد وفي حالة عدم السداد تعرض الأمر على لجان التوفيق في المنازعات طبقاً للقانون رقم7 لسنة2000، ومن ثم تقيم دعوى ضد المستأجر الأصلي في مواجهة المستأجر من الباطن بطلب فسخ عقد الإيجار الأصلي لعدم سداد الأجرة طبقاً للمبادئ العامة في القانون المدني.

وإذا رغبت الهيئة في إنهاء العقد، وفي حالة ما إذا كان العقد أو قائمة شروط دخول المزاد قد حددا مدة العقد، فينتهي العقد بانتهاء مدته دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار طبقاً لنص المادة598 من القانون المدني.

أما إذا كان العقد، أو قائمة شروط دخول مزاد التأجير، لم يحدد مدة معينة لعقد الإيجار، فتعتبر مدة العقد هي المدة المحددة لدفع الأجرة، فيحق للمؤجر إنذار المستأجر بانتهاء العقد مع مراعاة المواعيد المنصوص عليها في المادة563 من القانون المدني، ثم تعرض الأمر على لجان التوفيق ثم تقيد الدعوى بالمحكمة المختصة.

ويفضل في حالة إقامة الدعوى – خصوصاً دعوى الإنهاء – أن تقام مستقلة (ولها ملف تحت الرفع بالفعل)، وليس توجيه دعوى فرعية في الدعوى الأصلية المقامة من المستأجر الأصلي ضد المستأجر من الباطن لعدم سداده الأجرة، لوجود شبهة عدم الارتباط بينهما.

مع ملاحظة أن إقامة الدعوى ستكون ضد المستأجر الأصلي وفي مواجهة المستأجر من الباطن، فالخصومة ستكون ضد الاثنين وليست لصالح أحدهما ضد الآخر.

حيث أنه من المُقرر قانوناً أنه بانقضاء عقد الإيجار الأصلي ينقضي بقوة القانون عقد الإيجار من الباطن، وفي حالة صدور حكم للصالح وتنفيذه فالهيئة وشأنها في إعادة تأجير من جديد طبقاً للقواعد المتبعة في هيئة الأوقاف.

فمن المقرر في قضاء النقض أن: “عقد الإيجار من الباطن يرد على حق المستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة، مما مفاده انقضاء هذا العقد حتما بانقضاء عقد الإيجار الأصلي ولو كان قائماً بحسب الشروط التي اشتمل عليها، لا يغير من ذلك علم المستأجر من الباطن أو عدم علمه بسبب انقضاء عقد الإيجار الأصلي .

(نقض مدني في الطعن رقم538 لسنة47 قضائية – جلسة30/11/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة32 – الجزء2 – صـ2179 – فقرة3)

ويجب ألا يتوقع المستأجر من الباطن أي مساندة له من هيئة الأوقاف المؤجرة الأصلية، وليس له أن يطالب الهيئة بالتعاقد معه مباشرة وتجاهل المستأجر الأصلي، حيث أن عقد المستأجر الأصلي ما زال سارياً لم ينته ولم يفسخ بعد، ولا يجدي المستأجر من الباطن التذرع بأن المستأجر الأصلي محظور عليه التأجير من الباطن

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “إذ كان الإيجار من الباطن هو إيجار جديد يعقد بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن، ويرد على حق الأول في الانتفاع بالعين، وهو الذي يحكم العلاقة بين طرفيه حتى ولو تم هذا العقد خلافاً لنص مانع متفق عليه في الإجارة الأصلية المبرمة بين المؤجر والمستأجر الأصلي وحتى و لو كانت شروطه مغايرة لشروطها، ويتعين على المستأجر من الباطن تبعاً لذلك أن يوفي بالتزاماته قبل المستأجر الأصلي ما دام هذا الأخير من جانبه قد نفذ التزاماته، ولا يحق للأول أن يتمسك قبله بأنه ممنوع من التأجير من الباطن، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يدع أن المطعون عليه قد أخل بالتزاماته تجاهه ومنها تمكينه من الانتفاع بالمكان المؤجر، فيكون غير منتج إدعاء الطاعن أن عقد الإيجار الأصلي يتضمن منعاً من التأجير من الباطن بفرض صحة هذا الإدعاء، ولا يسوغ له التحلل من التزاماته الناشئة عن الاتفاق المبرم بينه وبين المطعون عليه .

(نقض مدني في الطعن رقم851 لسنة43 قضائية – جلسة15/6/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة28 – الجزء الأول – صـ1446 – فقرة1)